1-خدعة الاستعارةكيف انطلى علينا
تشبيه الحياة بالنهر؟
كيف صدقنا مزيداً من الاستعارات؟
الأيام تتراكم
‏كالطحلب في بركة راكدة
والأشياء لم تعد تهون
‏والذكريات لا تمحى

زينة عاصي ـ «امرأة» (زيت على كانفاس ـ 148 × 145 سنتم ـــ 2003)


كيف انطلى علينا
الفرح الذي مثل الفجر
والضحكات السماوية
والدهشة الذهبية
كحقول القمح في تموز؟
كيف صدقنا مزيداً من الاستعارات؟
اليأس عاد
متفحماً
كليل بلا ندى
والفراغ هو الفراغ
ما زال عميقاً
كالبحر
بلا أي خدعة تذكر

صدفة
أو عنوة
نشغل هذا الحاضر
الممتلئ بالظلال
ونستيقظ في الصباح
على أثر وجود غامض في الروح
‏على الحضور
الطفيف
‏لتفاصيلِ وقتٍ مضى
‏محمّلاً بالعواطف.

2-تيه
أنا الواقفة على حافة الأشياء
‏بين ما يحدث حقاً
‏وما أتوهم به،
‏بين ما لم يحدث فعلاً
‏وما تسقطه الذاكرة
‏عمداً.
‏أفتقد حضوراً
‏لم يكن أصلاً.
‏أندم على كلمة
‏لم أتفوّه بها يوماً.
‏أطارد حلماً
‏لا يخصّني.
‏غبار
‏ولا وجهة لي.
‏هذا التيه،
‏كأنّه قدر.

3- غابة كانت قلبي
بي وجعُ الأراضي المُحْترِقة
حين تنطفئُ النار،
بي ذاكرتُها المُشتعلة
تعبُ أحلامِها بخُضرةٍ لم تَعُد ممكنة،
بي سكونُها؛
سكونُ الأشياءِ في نهايةِ الأشياء
سكونُ العَدَمِ.
وبي
مثل ما بها:
حرارةُ تتسلَّلُ في خلايا التّرابِ
وسخونةُ الدماءِ تحت الجلدِ
رمادٌ يغطي سطحَها
وملمسُه على وجهي
في حنجرتي
يصير ملحاً ورمالاً.
وبي دخانٌ
وريحٌ
وغبارٌ
وبي أغصانٌ مُشَلّعةٌ
وبيوتٌ هجرتْها العصافيرُ
وغيمةٌ
كلما مرّت من فوقي
شقّ جلديَ برعمُ سنبلةٍ
وُعِدَت بالمطر
وغيمةٌ
لا تمطر
إلّا شهباً من الصّورِ القديمةِ
فتسيلُ السنابلُ على جسدي
كما يذوبُ الحبُّ في النّهاياتِ الحزينة.
وبي يأسٌ لا نهائيٌّ
يزيدُ وينقصُ
كاللّهفةِ في القصصِ الطويلة.
وبي حيرةُ الدهشةِ
حين يصيبُها
عطبٌ مجهولٌ.
وبي أملٌ
«أريد أن أودّعه»
خيالاتٌ لا تنتهي عن العُشبِ
بقايا دوخة اللّغةِ القديمةِ
وهوسُ استعادةِ الأصواتِ والروائحِ
من الذاكرة
صورةٌ مغبّشة لنهرٍ
كان يشُقُّ روحي نصفين
ولضفافٍ صارت أرصفةً مهجورةً
وفيَّ هذا اللحنُ العميقُ
في خلفية حياتي
تعزفه الأشجارُ اليابسةُ الآن
في غابةٍ
كانت
قلبي.

4-في الليل
كلّ شيء يبدو حزيناً
في الليل
حتى المصباح المضاء
في زاوية الشارع
يرتجف
مطالباً بحقه بالانطفاء.

كل شيء يحن إلى شيء
في الليل
حتى الأغنية التي تنتحب
في أذني
تحن إلى وقعها القديم
في قلبي.
كل شيء يبدو قاسياً
في الليل
حتى هذه الغيمة
وهي تبتلع القمر
تقلّد شكل الذئب...
من يقلّد عواءه الآن
سوى الوعود الجريحة؟

كل شيء يبدو بلا نهاية
في الليل
حتى هذي القصيدة...

5-أريد يدي
تعال رمّم
هذا المساء
الذي يتساقط عليّ الآن
تعال اجمعني
فكَّكَني الحزن
قطعة قطعة
وأريد يدي
لأمدها إليك

6-بهتان
أصابَ البُهتانُ كلّ شيء
يبدو العالم الآن
مثل نهاية فيلم
نشاهدُه للمرّة الثانية
كلُّ شيءٍ باهت
حتى تلك الحكاية التي كنتَ تفكّر بكتابتها
صارت تبدو كأنّها
لا تستحقّ أن تُروى

7- استعارات لا تهمّ
الحب الرقيق
كالحلم،
صار قاسياً
كالاستيقاظ منه.
تقول لي صديقتي: كان حباً كالعاصفة
أُصَحح جملتها في رأسي:
كانت عاصفة كالحب.
وأنا أشعر بمأزق قلبها
الذي لا يهتم الآن
بالاستعارات.

* لبنان